مبادئ التدريس الصريح المستمد من البحوث العلمية Pdf
التدريس الصريح: مقاربة بيداغوجية فعالة لتجويد التعلمات
يُعدّ التدريس الصريح (L’enseignement explicite) من أبرز الأساليب التربوية الحديثة المستندة إلى نتائج الأبحاث العلمية في مجالي علوم التربية وعلم النفس المعرفي.
 يرتكز هذا النموذج على جعل عملية التعلم منظمة وواضحة، تُمكّن المتعلمين من اكتساب المعارف والمهارات الأساسية بفضل تخطيط محكم ومواكبة مستمرة، مما يجعله من أنجع الطرائق في تطوير الأداء الدراسي وتعميق الفهم.
أولًا: مفهوم التدريس الصريح ومبادئه الأساسية
يُعرَّف التدريس الصريح بأنه مجموعة من المبادئ البيداغوجية التي تجعل التعليم عملية واعية وموجَّهة، قائمة على التوضيح، النمذجة، التدرج، والدعم.
وقد حدد باحثون تربويون مثل Hughes، Gauthier، وBissonnette أهم الأسس التي يقوم عليها هذا النموذج، ومن أبرزها:
- 
ضبط الحمولة المعرفية وتيسير الفهم. 
- 
التدرج في تقديم التعلمات. 
- 
التنظيم المحكم لبنية الدرس. 
- 
التناسق بين الأهداف، والمضامين، والتقويم. 
- 
وضوح الشرح والتعليمات. 
- 
التصريح بمنهج التفكير والاستدلال. 
- 
تفعيل دينامية صفية تفاعلية. 
- 
الانتقال من التعلم الموجَّه إلى التعلم الذاتي. 
- 
تقديم الدعم والمساندة حسب الحاجة. 
- 
اعتماد التغذية الراجعة الفورية والإيجابية. 
- 
المراجعة المنتظمة والتثبيت الدوري. 
- 
التقويم المستمر للتحقق من مدى التحكم في التعلمات. 
ثانيًا: شرح المبادئ بتفصيل تربوي
1. ضبط الحمولة المعرفية:
يُقسَّم المحتوى الجديد إلى وحدات صغيرة تُقدَّم تدريجيًا لتسهيل الاستيعاب وتجنب الإرهاق المعرفي. الهدف هو بناء التعلم خطوة بخطوة بطريقة منظمة وواضحة.
2. التدرج المنهجي:
يُبنى التعلم وفق تسلسل منطقي من البسيط إلى المركب، ومن الملموس إلى المجرد، مع التأكد من تحقق الفهم قبل الانتقال إلى مرحلة جديدة.
3. الهيكلة والتنظيم:
يُخطَّط للدرس وفق مراحل محددة تشمل التمهيد، العرض، والتقويم الختامي، لضمان وضوح المسار التعلمي وارتباط التعلمات السابقة بالجديدة.
4. الملاءمة بين الأهداف والمضامين والتقويم:
تُصاغ الأهداف بدقة وتُربط بالأنشطة التعليمية والتقويمات، مما يضمن انسجام العملية التعليمية وفعالية التعلمات.
5. الوضوح وتجنب الغموض:
يُراعى استخدام لغة بسيطة وأمثلة ملموسة، مع إشراك المتعلمين في إعادة صياغة ما فهموه للتأكد من درجة الاستيعاب.
6. التصريح بمنطق التفكير:
يشجع المدرس التفكير بصوت عالٍ لشرح خطوات الحل، ويحث المتعلمين على التعبير عن منطقهم الاستدلالي، مما ينمّي التفكير الواعي والمنطقي.
7. الإيقاع الدينامي والتفاعل:
يتميز التدريس الصريح بتفاعل مستمر ونشاط صفّي يحدّ من “الزمن الميت”، ويحفز مشاركة جميع المتعلمين.
8. الانتقال نحو الاستقلالية:
يبدأ التعلم بممارسة موجهة تحت إشراف المدرس، ثم يتدرج نحو الممارسة الذاتية، لضمان التمكن والثقة في الإنجاز الفردي.
9. الدعم والمساندة:
يُقدَّم الدعم حسب الحاجة عبر شروحات إضافية أو أدوات مساعدة، ويُعتبر وسيلة مؤقتة لتقوية المتعلم وتمكينه من الاعتماد على نفسه لاحقًا.
10. التغذية الراجعة:
يُوظَّف الخطأ كفرصة للتعلم، ويتم التصحيح بشكل فوري وإيجابي لترسيخ السلوك الصحيح وتثبيت التعلم.
11. المراجعة والتثبيت:
تُبرمج المراجعة بانتظام لتعزيز التعلمات وضمان انتقالها إلى الذاكرة الطويلة المدى.
12. التقويم المستمر:
يُواكب التقويم جميع مراحل الدرس، ويُستخدم كأداة لتعديل الممارسات ودعم المتعلمين، وليس للحكم عليهم.خاتمة
يُسهم التدريس الصريح في تحقيق تعلم فعّال وواضح يضمن اكتسابًا تدريجيًا للمهارات والمعارف.
إنه نموذج يجعل المعلم موجهًا خبيرًا، والمتعلم فاعلًا ومنخرطًا في بناء تعلمه، مستندًا إلى الوضوح، التدرج، الدعم، والتقويم المستمر، وهي ركائز جوهرية لتجويد الممارسات الصفية وتحقيق النجاح المدرسي.
